جامعة المدينة العالمية
إيقاع العداوة والبغضاء هو منتهى قصد الشيطان
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:”وإيقاع العداوة والبغضاء هو منتهى قصد الشيطان ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ” ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قالوا بلى، يا رسول الله . قال : ” إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البـين هـي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين” [1]
ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة وأخوة، ولقد كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما سيدا المسلمين ، يتنازعان في أشياء ، لا يقصدان إلا الخير.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم بني قريظة: لا يصلين أحد العصر، إلا في بني قريظة. فأدركتهم العصرفي الطريق، فقال قوم: لا نصلي إلا في بني قريظة و فاتتهم العصر. وقال قوم : لم يرد منا تأخير الصلاة، فصلوا في الطريق، فلم يعب واحدا من الطائفتين” أخرجاه [2]
وهذا وإن كان في الأحكام فما لم يكن من الأصول المهمة، فهو ملحق بالأحكام.
صح عنه أنه قال : ” لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث… ” . [3]
فينبغي أن يفرق بين الهجر لحق الله ، وبين الهجر لحق نفسه.
فـ (الأول) مأمور به.
و(الثاني) منهي عنه؛ لأن المؤمنين إخوة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : “لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم ” [4] فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه وإن ظلمه؛ فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية، ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي والأمر بالإصلاح بينهم.
ولهذا كان السلف مع الاقتتال يوالي بعضهم بعضا موالاة الدين ،لا يعادون كمعاداة الكفار، فيقبل بعضهم شهادة بعض ، ويأخذ بعضهم العلم عن بعض ويتوارثون ويتناكحون، ويتعاملون بمعاملة المسلمين بعضهم مع بعض، مع ما كان بينهم من القتال والتلاعن وغير ذلك.
فليتدبر المؤمن الفرق بين هذين النوعين، فما أكثر ما يلتبس أحدهما بالآخر، وليعلم أن المؤمن يجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك؛ فإن الله سبحانه بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله ، فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه” . [6]
——————————————————————————–
[1] رواه أحمد ج1/167 وج6/444 والترمذي في سننه ج4/572 ح(2509) كتاب صفة القيامة والرقائق والورع باب 56 . وصحيح ابن حبان ج11/489 والبخاري في أدب المفرد رقم(391). صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي ج2/607.رقم( 2509).
[2] رواه مسلم في صحيحه ص461 كتاب الجهاد والسير باب المبادرة بالغزو ،وتقديم أهم الأمرين المتعارضين.
[3] رواه مسلم ص654ح(2558) كتاب البر باب تحريم التحاسد
[4] رواه مسلم في صحيحه 654 ح(2563) كتاب البر باب تحريم الظن.
[5] الحجرات آية:9- 10.
[6] مجموع الفتاوى ج28/204، 206، 207 208 209، 212، 213 وينظر أيضا:ج3/ 418، 419، 420، 421..
مشاركة من فضيلة معالى مدير الجامعة