كثيراً من الجمعيات المتخصصة في الرياضيات تهتم بهذا الجانب وتمنحه أهمية كبرى من أمثلة هذه الجمعيات مجلس معلمي الرياضيات الأمريكية ( Nctm ) حيث يطبع هذا المجلس عبارات خاصة عن الرياضيات على بوسترات وأكواب وكرفتات وغير ها ... لكي تحفز الطلاب على حب الرياضيات وتقديرها .
ومن هذه العبارات:
* أنا أحب الرياضيات .
* الرياضيات مادة مفيدة.
* الرياضيات طريقكم إلى النجاح .
* أنا أعشق الرياضيات .
* الرياضيات مفتاح لكل العلوم .
* الرياضيات تنمي الذكاء .
* سر تقدمي إتقان الرياضيات .
* الرياضيات مادة مسلية .
* بالحساب تتغلب على الصعاب .
* الرياضيات تفيدني في تعاملاتي.
حب الرياضيات المفقود.. كيف نعيده ونقويه؟
إن الرياضيات كمادة دراسية لها دور كبير في تنمية عقول الأفراد، ولهذا أصبحت من أهم المواد الثقافية التي يدرسها الطلاب – في جميع المراحل التعليمية – حيث تعمل على تزويدهم بالمحتوى الرياضي والمهارات الرياضية، التي تساهم على تنمية مهارات التفكير المختلفة، واللازمة لمواكبة التقدم العلمي و التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم، واستيعاب الاكتشافات والاختراعات المتعددة في مختلف المجالات.
والواقع أن عدم حب الرياضيات ليس ظاهرة هذه الأيام في البلدان العربية فقط، ولكنها توجد في البلدان المتقدمة أيضا، ومن منطلق الأمانة العلمية التي تقتضى أن ترد الكتابات إلى أصحابها فإني أتطرق هنا إلى بعض مما كتبته الدكتورة نظلة خضر أستاذ تعليم الرياضيات بجامعة عين شمس في أحد المؤتمرات العلمية حول هذا الموضوع.
إن الطفل يحتاج إلى حب الرياضيات كما يحتاج لحب أمه وإخوته، يحتاج إلى أن يصاحب الرياضيات، فكما يقول آلن تيورنج Turing Allen مكتشف حل الشفرة الألمانية في الحرب العالمية الثانية ومخترع الكمبيوتر الذي أسماه الآلة المفكرة..»وأنا صغير اعتبرت الأعداد أصحابي»، فالطفل يحتاج إلى أن يبحث عن الجمال والصدق والأمان في الرياضيات، يحتاج إلى أن يحس بذاته وهو يفكر، يحتاج إلى أن يشعر بروح الرياضيات وإنسانيتها، فعندما قابل الرياضى المعاصر إردوس Erdos عاشق الأعداد أول مرة قانون الفرق بين مربعين، أحبه جدا وشعر أن الرياضيات تعزف وترا في قلبه.
إن أول حاسة تنمو لدى الإنسان هي السمع وأول ما يسمع الجنين هو نبضات قلب أمه.. القلب الذي يرمز للدفء والحب .. والنبضات هي إيقاع موسيقى فني وهي أيضا دورية تخص الحساب التطبيقي .. فأول تعلم للرياضيات هو رياضيات ممزوجة بالمشاعر والدفء والحب.
وعلى الرغم من أنه ليس كل محب للرياضيات يستطيع أن يعبر عن حبه لها بالكلام والمقولات، إلا أن أكثر من عبروا عن حبهم للرياضيات هم من الرياضيين الأفلاطونيين أو البحتويين وذلك بأن أظهروا استمتاعهم العميق بكيف يشعرون نحو الرياضيات، وقد وصفوا الرياضيات عبر التاريخ بأنها جميلة Beautiful ،وهارمونية ورشيقة وأنيقة Elegant ، ومثيرة ومشوقة جدا، وفنية Artistic، ومرطبة Cool، ولها عاطفة وهوى Passion للتفتيش عن الجمال الأبدي Lasting Beauty ، والحقيقة القصوى Ultimate Truth .
ويقول (هالموس) معبراً عن حبه للرياضيات «هي الأمان، الصدق، الجمال، التركيب، الهندسة المعمارية، أنا أرى الرياضيات جزءاً من المعرفة الإنسانية التي أسميها الرياضيات كأنها شيء عظيم رائع جليل.
ويقول هاردى أنماط الرياضى مثلها مثل أنماط الفنان الرسام أو الموسيقى، يجب أن تكون جميلة، الأفكار مثل الألوان أو الكلمات يجب أن تكون متناسقة مع بعضها بطريقة هارمونية، الاختبار الأول هو الجمال فلا وجود لمكان دائم في العالم لرياضيات قبيحة.
أما لاندو Landau فقد وضع المعادلة: الرياضيات = الصدق + الجمال + البرهان، أما ابن حفيد هاردى وهو إردوس Poul Erdos أكثر المحبين للأعداد فيشير إلى أن الرياضيات هي الرومانسية و الواقع.. ويقول: من يمتلك الرياضيات قد لا يحتاج أي شيء آخر
If one has math , One might not need anything else
ويقول الفنان فيرجسون الذي أبدع في أعماله النحتية التي كانت وسيلة لحب وفهم التوبولوجي لطلابه: إننا نرى جمال الرياضيات في العقل ونريد أن نبين جمالها للغير. وعلى ذلك فتنمية الحب للرياضيات مدخله تنمية الإحساس بالرياضيات وبجمالها وبدورها في تقدم ورقى الإنسان، وتحبيب الطالب في الرياضيات أهم مداخله تنمية حب التأمل والتدبر في الطبيعة التي أبدعها الخالق عز وجل.. يتكامل في ذلك الإحساس، والخيال، وحب الاستطلاع لمعرفة أسرارها وعجائبها التي باطنها أفكارا رياضية.
فهذا إسحق نيوتن في لحظة استجمام وتدبر وتأمل… يرى تفاحة تسقط من شجرتها، لم يمر عليها مر الكرام ولكنه اكتشف من سقوطها الجاذبية الأرضية… انتقل ببصره إلى السماء وتأمل وتدبر وتساءل.. لماذا لا تجذب الأرض الشمس وتقع عليها كما تقع التفاحة؟ وقاده خياله وتفكيره إلى جسم يقذف أفقياً فوجده يسير في شكل قطع متكافئ، وامتد تفكيره وخياله، لو قذف الجسم أفقيا من قمة جبل عال وزاد في السرعة زيادة كبيرة، فإن الجسم يرجع إلى نفس المكان في مسار قطع ناقص، وناظر ذلك بالأرض والشمس.. ثم هداه ذلك إلى اختراع علم التفاضل، ولعلى أتساءل هنا ماذا لو أن أحد أبنائنا جلس مكان نيوتن تحت شجرة التفاح و إذا بتفاحة تسقط عليه .. ترى ماذا عساه أن يفعل؟؟!
وخلاصة القول إن تعويد الطالب على تأمل الطبيعة ليرى الرياضيات في أسرارها يمده بطاقة ٍكبيرة تولد الحب والتعلق بالرياضيات، كما أن الحكايات حول اكتشاف الأفكار الرياضية أو نشأة النظريات الرياضية القديمة منها والمعاصرة تولد الخيال والتعلق بأبطالها الرياضيين مثلها مثل الحكايات التي يألفها الطفل ويحب أبطالها ويتفاعل مع أحداثها، وهذا بالتالي يثير إعجابه وينمي حبه للرياضيات، ويعود الصبر لفهم أساسياتها واللعب بأفكارها المرحة وعملها بالتحليل والتكوين.